U3F1ZWV6ZTE5ODA0OTYxMDY2MDUwX0ZyZWUxMjQ5NDY4MTk5MjM3Nw==

دليل بالاسانا: كل ما تحتاج معرفته عن وضعية الطفل في اليوغا

 

دليل بالاسانا: كل ما تحتاج معرفته عن وضعية الطفل في اليوغا

هل تبحث عن السكينة وسط ضجيج الحياة اليومية؟ هل تساءلت يوماً عن وضعية يوغا بسيطة تمنحك شعوراً فورياً بالأمان والراحة الجسدية والنفسية؟ اكتشف معنا "بالاسانا" أو وضعية الطفل، وكيف يمكن لهذه الحركة أن تحول توترك إلى طاقة هادئة؟

دليل بالاسانا: كل ما تحتاج معرفته عن وضعية الطفل في اليوغا
دليل بالاسانا: كل ما تحتاج معرفته عن وضعية الطفل في اليوغا



ما هي بالاسانا نظرة عامة على وضعية الطفل 

تُعد "بالاسانا" (Balasana)، المعروفة بوضعية الطفل، واحدة من أكثر وضعيات اليوغا شهرة وتقديراً في عالم ممارسة "الهاتها يوغا" واليوغا الترميمية. هي وضعية انحناء للأمام تبدأ من الجثو على الركبتين، حيث يستقر الجذع فوق الفخذين والجبهة على الأرض. تُصنف بالاسانا كوضعية "استراحة" أو "ترميم"، وهي الركن الأساسي الذي يعود إليه الممارسون لالتقاط أنفاسهم بين الوضعيات الأكثر تحدياً.


تكمن روعة هذه الوضعية 

في بساطتها وقدرتها العميقة على تهدئة الجهاز العصبي. عندما تغلق عينيك وتخفض رأسك نحو الأرض، فإنك تنسحب فعلياً من العالم الخارجي وتدخل في حالة من الانعكاس الداخلي. من الناحية الجسدية، تعمل الوضعية على إطالة العمود الفقري بلطف وفتح الوركين، مما يخلق مساحة للتنفس في الجزء الخلفي من الجسم.

لا تتطلب بالاسانا مرونة فائقة أو قوة عضلية كبيرة

 مما يجعلها متاحة للجميع من المبتدئين إلى المحترفين. إنها تمثل حالة من الاستسلام الواعي، حيث تسمح للجاذبية بالقيام بالعمل بدلاً من الجهد العضلي. سواء كنت تمارس اليوغا لمدة ساعة أو كنت تحتاج فقط لثلاث دقائق من الراحة أثناء يوم عمل شاق، فإن وضعية الطفل توفر ملاذاً آمناً يعيد توازن الجسم والعقل، مما يجعلها جوهر الممارسة الواعية التي تهدف إلى الوحدة بين الجسد والروح.

 

أصل وتاريخ وضعية الطفل في اليوغا 

تستمد "بالاسانا" اسمها من اللغة السنسكريتية القديمة، حيث تعني كلمة Bala الطفل، وكلمة Asana تعني الوضعية أو المقعد. على الرغم من أن العديد من وضعيات اليوغا الحديثة لها جذور تعود لآلاف السنين في النصوص الفيدية، إلا أن بالاسانا بصورتها الحالية برزت بشكل أوضح في تقاليد الهاتها يوغا خلال القرن العشرين. يذكر التاريخ أن المعلم كريشناماشاريا، الذي يُعتبر أبا اليوغا الحديثة، كان يركز على هذه الوضعية كجزء أساسي من تسلسلات اليوغا لتعزيز الاسترخاء. تاريخياً، تعبر الوضعية عن العودة إلى "البدايات" أو الحالة الجنينية، وهي رمز للتواضع والاتصال بالأرض، مما يعكس الفلسفة الهندية القديمة في تقدير البساطة والرجوع إلى الذات النقية التي يمثلها الطفل.

 

لماذا سميت بوضعية الطفل 

تسمية وضعية الطفل ليست مجرد اسم عابر، بل هي وصف دقيق للحالة الجسدية والنفسية التي تفرضها هذه الحركة. جسدياً، تحاكي الوضعية شكل الجنين في رحم الأم، حيث يكون الجسم منحنياً، الظهر مستديراً، والأطراف قريبة من المركز، مما يوفر حماية للأعضاء الحيوية. نفسياً، تهدف التسمية إلى استحضار صفات الطفولة: البراءة، الشعور المطلق بالأمان، والقدرة على التخلي عن الهموم والمسؤوليات. عندما يتخذ الممارس هذه الوضعية، فإنه يعود رمزياً إلى حالة من الوجود تسبق ضغوط الحياة العملية، مما يساعد العقل على الشعور بالراحة والحماية. إنها دعوة للتخلي عن "الأنا" والعودة إلى حالة من الاستسلام الطبيعي الذي يمارسه الأطفال بتلقائية قبل أن تعقدهم أعباء الكبار.

 

دليل بالاسانا: كل ما تحتاج معرفته عن وضعية الطفل في اليوغا

بالاسانا (Balasana): وضعية الطفل، وضعية استرخاء آمنة 

الخصائص الأساسية لوضعية الطفل

تتميز بالاسانا بخصائص ميكانيكية حيوية فريدة تجعلها وضعية استشفائية بامتياز. الخاصية الأولى هي "الانضغاط اللطيف" للجزء الأمامي من الجسم، مما يحفز الأعضاء الداخلية ويحسن الهضم. الخاصية الثانية هي "الإطالة السلبية" للعمود الفقري الفقري، حيث يتم تمديد الفقرات القطنية والعجزية دون مجهود، مما يخفف الضغط عن الأعصاب. ثالثاً، تتميز بوضعية الرأس؛ فملامسة الجبهة للأرض (أو لوسادة) ترسل إشارات فورية للدماغ بالاسترخاء، وتحديداً لنقطة "العين الثالثة" المرتبطة بالهدوء والبصيرة. كما أن هذه الوضعية توفر خيارات متعددة للذراعين، سواء بمدها للأمام لزيادة إطالة الأكتاف أو وضعها بجانب الجسم لتعميق استرخاء لوحي الكتف، مما يجعلها وضعية مرنة تتكيف مع احتياجات كل جسد.

كيف تساهم في الاسترخاء والأمان 

تساهم بالاسانا في خلق شعور عميق بالأمان من خلال تفعيل الجهاز العصبي الباراسمبثاوي (المسؤول عن الراحة والهضم). عندما ينحني الجسم للأمام ويغلق على نفسه، فإنه يحمي منطقة البطن والقلب، وهي المناطق الأكثر عرضة للتوتر العاطفي. هذا الانغلاق الجسدي يخلق "شرنقة" خاصة بالممارس، تعزله عن المحفزات البصرية والضجيج الخارجي. 

  • الضغط اللطيف للجبهة على الأرض يساعد في خفض معدل ضربات القلب وتهدئة التنفس. بالإضافة إلى ذلك، فإن القرب من الأرض يعزز الشعور بـ "التأريض" (Grounding)، وهو مفهوم في اليوغا يعني الاتصال بثبات الأرض، مما يقلل من مشاعر القلق والتشتت. في هذه الوضعية، يشعر المرء أنه محمي ومسنود، مما يسمح للعضلات المشدودة بالارتخاء التام دون خوف من السقوط أو الإصابة.

 

الفوائد الصحية والنفسية لوضعية الطفل 

الفوائد الجسدية لبالاسانا 

تقدم بالاسانا فوائد جسدية مذهلة تبدأ من الرقبة وصولاً إلى أصابع القدمين. أهم فوائدها هي تخفيف آلام الظهر والرقبة؛ فهي تعمل كأداة شد طبيعية للعمود الفقري، مما يساعد في فتح المسافات بين الفقرات وتخفيف ضغط الجلوس الطويل. كما تعمل الوضعية على فتح وتمديد الوركين والفخذين والكاحلين، مما يزيد من مرونة الجزء السفلي من الجسم. من الناحية الوظيفية، يساعد الضغط الخفيف على البطن في تدليك الأعضاء الداخلية، مما يحسن عملية الهضم ويخفف من الانتفاخ والغازات. بالإضافة إلى ذلك، تعزز بالاسانا تدفق الدم إلى الرأس والدماغ، مما قد يساعد في تخفيف الصداع الناتج عن التوتر. إنها أيضاً وسيلة ممتازة لتنظيم الدورة الدموية بعد التمرينات الشاقة، حيث تساعد القلب على العودة لوتيرته الطبيعية بسلاسة.

الفوائد النفسية والعاطفية 

على الصعيد النفسي، تُعتبر بالاسانا "مضاداً طبيعياً للتوتر". تساعد هذه الوضعية في تهدئة العقل المزدحم بالأفكار وتقليل مستويات القلق بشكل ملحوظ. من خلال الانكفاء نحو الداخل، تسمح للممارس بمعالجة المشاعر المكبوتة في بيئة آمنة وهادئة. كما أنها تعالج الإرهاق العقلي وتساعد في تحسين جودة النوم إذا مورست قبل الذهاب للفراش. 

  • عاطفياً، تعزز بالاسانا مشاعر القبول الذاتي والتواضع؛ فهي تذكرنا بأن التراجع والراحة ليسا ضعفاً، بل ضرورة للاستمرار. بالنسبة لأولئك الذين يعانون من نوبات الهلع أو الضغط العصبي الشديد، توفر هذه الوضعية "مكاناً آمناً" فورياً يمكن اللجوء إليه لاستعادة الهدوء والتركيز. إنها وضعية تدعو إلى "التخلي" عن كل ما لا يخدمنا، مما يترك الممارس بحالة من السلام الداخلي والوضوح العاطفي.

 

دليل بالاسانا: كل ما تحتاج معرفته عن وضعية الطفل في اليوغا

كيفية أداء وضعية الطفل بشكل صحيح 

الخطوات الأساسية لأداء بالاسانا

لأداء بالاسانا بشكل صحيح، اتبع الخطوات التالية بدقة

  1. ابدأ بالجثو على بساط اليوغا (وضعية الطاولة)، مع وضع ركبتيك معاً أو متباعدتين قليلاً، واجعل إبهامي قدميك يتلامسان.
  2. اخفض أردافك لتستقر على كعبيك. إذا شعرت بصعوبة، يمكنك وضع وسادة بين فخذيك وساقيك.
  3. أثناء الزفير، انحنِ بجذعك للأمام ببطء حتى يستقر صدرك فوق فخذيك (أو بينهما إذا كانت الركبتان متباعدتين).
  4. ضع جبهتك برفق على البساط. إذا لم تصل الجبهة للأرض، استخدم مكعب يوغا أو وسادة لدعمها.
  5. اختر وضعية الذراعين: إما ممدودة للأمام مع راحة اليد للأسفل لإطالة الظهر، أو ممتدة للخلف بجانب الساقين مع راحة اليد للأعلى لإرخاء الكتفين تماماً.
  6. تنفس بعمق في الجزء الخلفي من رئتيك، واشعر بتمدد أضلاعك مع كل شهيق. ابقَ في الوضعية من 30 ثانية إلى عدة دقائق.

النصائح الهامة لتجنب الإصابات 

لضمان ممارسة آمنة وتجنب أي ضغط غير مرغوب فيه، يجب مراعاة الآتي:

  • حماية الركبتين: إذا كنت تعاني من حساسية في الركبتين، ضع بطانية مطوية تحتهما أو خلف طية الركبة لتخفيف زاوية الانحناء.
  • دعم الرأس: لا تترك رأسك معلقاً في الهواء، فهذا يسبب ضغطاً على الرقبة. يجب أن تستقر الجبهة على شيء صلب (الأرض أو دعم).
  • تجنب الضغط على البطن: بالنسبة لمن يعانون من ضيق في التنفس أو كبر حجم البطن، يفضل مباعدة الركبتين للسماح للجذع بالهبوط بحرية دون الضغط على الحجاب الحاجز.
  • الخروج ببطء: لا تنهض بسرعة مفاجئة من الوضعية لتجنب الدوار؛ بدلاً من ذلك، استخدم يديك لرفع جذعك تدريجياً فقرة تلو الأخرى.
  • الاستماع للجسد: إذا شعرت بألم حاد في الكاحلين أو الوركين، توقف فوراً واستخدم التعديلات المناسبة.

 

تنويعات وضعية الطفل المختلفة 

وضعية الطفل مع تمديد الذراعين 

تُعرف هذه النسخة باسم "وضعية الطفل الممتدة" (Extended Child's Pose). فيها يتم مد الذراعين للأمام بأقصى قدر ممكن مع الحفاظ على الأرداف ثابتة على الكعبين. تضغط راحتا اليدين على الأرض بقوة خفيفة. هذا التنويع يحول بالاسانا من وضعية سلبية تماماً إلى وضعية نشطة قليلاً، حيث تعمل على إطالة عضلات الظهر الجانبية وتمديد الأكتاف بشكل أعمق. إنها رائعة لمن يعانون من تيبس الكتفين أو يقضون ساعات طويلة خلف المكتب، حيث تفتح منطقة الإبطين وتحرر التوتر في الجزء العلوي من العمود الفقري.

وضعية الطفل مع الركبتين المتباعدتين 

في هذا التنويع، يتم مباعدة الركبتين بعرض البساط مع الحفاظ على تلامس إبهامي القدمين. يسمح هذا التعديل للجذع بالهبوط بشكل أعمق نحو الأرض بين الفخذين. الفائدة الكبرى هنا هي التركيز على "فتح الوركين" وتمديد منطقة العجان وأسفل الظهر بشكل أكثر فعالية. كما أنها توفر مساحة أكبر للتنفس البطني العميق، مما يجعلها الخيار المفضل للحوامل أو الأشخاص الذين يشعرون بضيق عند ضم الركبتين. إنها تعزز الشعور بالارتباط بالأرض والاستسلام العميق.

وضعية الطفل المدعومة بالوسائد 

تعتبر هذه النسخة قمة اليوغا الترميمية. يتم وضع وسادة طويلة (Bolster) أو عدة وسائد مطوية بالطول تحت الجذع والرأس. عند الانحناء للأمام، يستقر كامل وزن الجسم على الوسائد بدلاً من الأرض. هذا التنويع يسمح للجهاز العصبي بالاسترخاء التام لأن الجسم يشعر بالدعم الكامل دون بذل أي جهد عضلي للحفاظ على الوضعية. يمكن البقاء في هذه الوضعية لمدة تتراوح بين 10 إلى 20 دقيقة، وهي مثالية للتخلص من الأرق، الإجهاد المزمن، أو التعافي من الأمراض.

 

بالاسانا للأطفال: فوائد خاصة وتطبيقات 

تأثير وضعية الطفل على الصحة النفسية للأطفال 

في عالم مليء بالمثيرات البصرية والسمعية، يحتاج الأطفال إلى أدوات تساعدهم على "فصل" حواسهم واستعادة توازنهم. تؤثر بالاسانا بشكل إيجابي على الصحة النفسية للطفل من خلال تعليمه مبدأ السكون. تساعد هذه الوضعية الطفل على تطوير الوعي الجسدي وفهم كيف يمكن لتغيير وضعية الجسم أن يغير مشاعره.

 من الناحية الفسيولوجية

 تساعد بالاسانا في موازنة إنتاج الهرمونات المرتبطة بالتوتر لدى الأطفال، مما يعزز لديهم حالة من الهدوء العقلي. كما أنها تقوي قدرتهم على التركيز، حيث يعمل الانطواء الجسدي على تقليل التشتت الخارجي، مما يجعلها تمريناً ممتازاً قبل البدء بالدراسة أو بعد يوم دراسي طويل حافل بالأنشطة والضغوط الاجتماعية.

دور بالاسانا في تخفيف القلق لدى الأطفال 

يعبر الأطفال عن القلق غالباً من خلال الحركة المفرطة أو الغضب. تعمل بالاسانا كـ "ملاذ آمن" مادي للطفل؛ فعندما يضع رأسه على الأرض ويضم جسمه، يشعر وكأنه في حصن خاص به. هذا الشعور بالحماية يقلل من حدة نوبات القلق والتوتر. الضغط الخفيف على الجبهة يحفز الأعصاب التي ترسل إشارات طمأنة للدماغ.

 كما أن التركيز على تنفس البطن

الذي تفرضه هذه الوضعية يساعد في تهدئة الجهاز التنفسي المتسارع الناتج عن الخوف. يمكن تعليم الطفل استخدام هذه الوضعية كأداة للتمكين الذاتي، بحيث يعرف أنه يمتلك القدرة على تهدئة نفسه في أي وقت يشعر فيه بالارتباك، مما يبني لديه مرونة عاطفية تدوم معه مدى الحياة.

كيفية تعليم الأطفال وضعية بالاسانا حسب الفئة العمرية 

للعمر الصغير (3-6 سنوات)، استخدم القصص؛ اطلب منهم التظاهر بأنهم "بذرة صغيرة" تنمو في الأرض، أو "حلزون" يختبئ في قوقعته. هذا يجعل الممارسة ممتعة وغير مملة. للفئة العمرية (7-12 سنة)، يمكن شرح الفوائد بشكل أبسط، مثل "هذه الوضعية تمنح عقلك استراحة من الألعاب والدروس". شجعهم على البقاء في الوضعية لمدة 5 أنفاس عميقة في البداية. بالنسبة للمراهقين، قدمها كأداة لتقليل ضغط الامتحانات وتحسين جودة النوم، مع التركيز على أهمية الخصوصية والهدوء خلال ممارستها.

 

موانع ممارسة بالاسانا والاحتياطات 

الحالات التي يجب فيها تجنب وضعية الطفل 

رغم أمان بالاسانا، إلا أن هناك حالات طبية تتطلب الحذر أو التجنب التام:

  1. إصابات الركبة: الأشخاص الذين خضعوا لعمليات جراحية حديثة في الركبة أو يعانون من تمزق في الأربطة يجب أن يتجنبوا الانثناء الشديد.
  2. الإسهال: الضغط على البطن في هذه الوضعية قد يؤدي إلى تفاقم الحالة وزيادة الانزعاج.
  3. إصابات الكاحل الشديدة: قد تسبب الوضعية ضغطاً مؤلماً على ظهر القدم والكاحل.
  4. مشاكل التنفس الحادة: مثل الربو الشعبي في حالات النوبات، حيث قد يشعر البعض بضيق التنفس بسبب انضغاط الصدر.
  5. مشاكل العين: مثل الجلوكوما (المياه الزرقاء)، لأن وضع الرأس أسفل مستوى القلب قد يزيد من ضغط العين.

تعديلات للحوامل وذوي الإصابات 

بالنسبة للحوامل، التعديل الأساسي هو مباعدة الركبتين بشكل كافٍ لترك مساحة مريحة للبطن، مع الحرص على عدم الضغط على الرحم، ويفضل استخدام وسائد لدعم الصدر. لذوي الإصابات في الكتف، يجب وضع اليدين بجانب الجسم للخلف بدلاً من مدهما للأمام لتجنب إجهاد المفصل. لمن يجدون صعوبة في ملامسة الكعبين بالأرداف، يمكن وضع بطانية مطوية بين الفخذين والسمانة لملء الفراغ وتقليل شد الركبة. أما بالنسبة لمن يعانون من آلام الرقبة، فيمكن وضع الرأس على جانب واحد (مع التبديل بين الجانبين بالتساوي) بدلاً من الجبهة، لضمان راحة الفقرات العنقية.

 

دمج بالاسانا في روتين اليوغا اليومي 

متى تستخدم وضعية الطفل في تسلسل اليوغا 

تعمل بالاسانا كـ "نقطة ارتكاز" في أي تسلسل لليوغا. يمكن استخدامها في البداية لتهيئة الجسم والعقل وفصل الممارس عن مشاغل يومه. خلال الممارسة، تُستخدم بالاسانا كوضعية انتقال بعد الحركات القوية مثل "وضعية الكلب لأسفل" (Downward Dog) أو بعد سلسلة "تحية الشمس" لإعادة تنظيم ضربات القلب. كما أنها ضرورية جداً بعد وضعيات الانحناء للخلف (Backbends) لتعويض العمود الفقري بانحناء معاكس لطيف.

  1.  في نهاية التمرين، تسبق بالاسانا وضعية الاسترخاء النهائي (Savasana) لضمان تهدئة الجهاز العصبي تماماً. إنها ليست مجرد استراحة، بل هي فرصة لمراقبة تأثير الوضعيات السابقة على الجسم وتعديل مستوى الطاقة قبل المتابعة.

روتين يوغا عائلي يتضمن بالاسانا 

يمكن لبالاسانا أن تكون نشاطاً عائلياً رائعاً لتعزيز الترابط الروحي. ابدأ الروتين بوضعية "القطة والبقرة" لتحمية الظهر، ثم انتقلوا جميعاً لبالاسانا. اطلب من أفراد العائلة إغلاق أعينهم والتنفس معاً بصوت مسموع؛ هذا يخلق طاقة جماعية هادئة. يمكن للأطفال ممارسة "وضعية الطفل" بينما يقوم الوالدان بتمطيط أظهرهما بلطف بجانبهم. هذا الروتين، خاصة قبل النوم بـ 15 دقيقة، يساعد العائلة على التخلص من توتر اليوم المشترك. إنها لحظة من الصمت والسكينة تجمع القلوب والأجساد، وتعلم الجميع أن الراحة قيمة عائلية مقدرة، مما يقلل من المشاحنات ويزيد من مشاعر المودة والهدوء في المنزل.

 

بالاسانا والتأمل: تعزيز الوعي الذاتي والاسترخاء 

تقنيات التنفس أثناء وضعية الطفل 

التنفس هو المحرك الفعلي لفوائد بالاسانا. بما أن الجزء الأمامي من الجسم منضغط، فإن الهواء يضطر للتوجه نحو "الجسم الخلفي". تُعرف هذه التقنية بتنفس الظهر؛ حيث تشعر بتمدد الكليتين، الأضلاع الخلفية، وأسفل الظهر مع كل شهيق. يجب أن يكون التنفس عميقاً وبطيئاً من الأنف. تخيل أنك ترسل أنفاسك إلى المناطق المشدودة في ظهرك لتذيب التوتر. الزفير يجب أن يكون طويلاً ومريحاً، مع تخيل أن جسمك يغوص أكثر في الأرض. هذا النوع من التنفس الواعي يقلل فوراً من استجابة "الكر والفر" في الدماغ، ويحول الممارسة الجسدية إلى تجربة تأملية حيوية تعيد شحن طاقة الخلايا.

استخدام بالاسانا للتأمل والاسترخاء العميق 

تُعتبر بالاسانا وضعية مثالية للتأمل للمبتدئين الذين يجدون صعوبة في الجلوس بظهر مستقيم. في هذه الوضعية، يقل الضغط على العمود الفقري مما يسمح للعقل بالتركيز التام على "نقطة الارتكاز" وهي ملامسة الجبهة للأرض. يمكن ممارسة "التأمل بالمسح الجسدي" (Body Scan) أثناء التواجد في بالاسانا، من خلال توجيه الوعي من أصابع القدم وصولاً إلى الرأس. إنها لحظة من الاستبطان العميق، حيث يمكنك طرح أسئلة بسيطة على نفسك مثل "كيف أشعر الآن؟" دون إصدار أحكام. الصمت الذي توفره الوضعية يفتح الباب أمام الوعي الذاتي، مما يساعد في تفكيك العقد العاطفية والوصول إلى حالة من الصفاء الذهني التي نادراً ما نجدها في وضعيات الوقوف أو الحركة.

 

الخلاصة 

في ختام هذا الدليل الشامل، نجد أن "بالاسانا" أو وضعية الطفل هي أكثر بكثير من مجرد تمرين رياضي أو حركة في اليوغا؛ إنها فلسفة للراحة وأداة قوية للشفاء الذاتي. من خلال دمجها في حياتك اليومية، فإنك تمنح جسدك هدية التخلص من ضغوط الجاذبية والعمل، وتمنح عقلك فرصة للانفصال عن ضجيج العالم الرقمي والعودة إلى جوهره الساكن.

  • سواء كنت تمارسها كجزء من روتين يوغا متكامل، أو كإجراء إسعافي لتهيئة نفسك قبل اجتماع مهم، أو حتى كنشاط تربوي مع أطفالك، تظل بالاسانا الرمز الأكبر للتواضع والقوة الكامنة في الاستسلام. لقد استعرضنا أصولها التاريخية، وفوائدها التي تشمل تحسين الهضم وتخفيف آلام الظهر وتقليل القلق، كما تعلمنا كيفية أدائها بأمان وتعديلها لتناسب جميع الأجسام والظروف الصحية.

  1. تذكر أن اليوغا ليست في الوصول إلى أقصى درجات المرونة، بل في العثور على الراحة داخل النفس. وضعية الطفل هي المكان الذي يبدأ فيه هذا المشوار وينتهي؛ فهي تعلمنا أن القوة الحقيقية تبدأ من الهدوء، وأن العودة إلى "البدايات" هي أسرع طريق للنمو. ابدأ اليوم بتخصيص خمس دقائق فقط في بالاسانا، وراقب كيف سيتغير تنفسك، وتسترخي عضلاتك، ويصبح عقلك أكثر وضوحاً وسلاماً. إن الأرض دائماً هناك لتدعمك، وكل ما عليك فعله هو الانحناء والعودة إلى طفلك الداخلي.

 

الأسئلة الشائعة حول وضعية الطفل (Balasana)

  1. هل يمكنني ممارسة وضعية الطفل إذا كان ظهري يؤلمني؟
    نعم، هي ممتازة لآلام أسفل الظهر لأنها تطيل العمود الفقري بلطف، لكن إذا كان الألم ناتجاً عن انزلاق غضروفي حاد، استشر طبيبك أولاً.
  2. كم من الوقت يجب أن أبقى في الوضعية؟
    لا يوجد وقت محدد؛ يمكنك البقاء من 30 ثانية إلى 10 دقائق حسب حاجتك للاسترخاء.
  3. لماذا أشعر بألم في كاحلي عند ممارستها؟
    قد يكون ذلك بسبب تيبس المفاصل. ضع بطانية مطوية تحت كاحليك لتخفيف الضغط.
  4. هل تناسب وضعية الطفل الحوامل؟
    نعم، مع مباعدة الركبتين جيداً لتوفير مساحة للبطن واستخدام الوسائد للدعم.
  5. هل يمكن ممارسة بالاسانا على السرير؟
    بالتأكيد، هي رائعة قبل النوم مباشرة للمساعدة على الاسترخاء العميق ومكافحة الأرق.
  6. ما الفرق بين بالاسانا ووضعية الجنين؟
    بالاسانا تكون على الركبتين والجبهة للأسفل، بينما وضعية الجنين تكون عادة على الجانب مع ضم الركبتين للصدر.
  7. هل تساعد بالاسانا في تخفيف الصداع؟
    نعم، من خلال تحسين تدفق الدم للرأس وتهدئة الجهاز العصبي، خاصة الصداع الناتج عن التوتر.
  8. ماذا أفعل إذا لم تصل جبهتي إلى الأرض؟
    استخدم مكعب يوغا، وسادة، أو حتى يديك مطويتين تحت جبهتك؛ المهم ألا تترك رقبتك معلقة.


تعديل المشاركة
author-img

Tamer Nabil Moussa

الزمان والمكان يتبدلان والفكر والدين يختلفان والحب واحد فى كل مكان /بقلمى انسان بسيط عايش فى هذا الزمان
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة