U3F1ZWV6ZTE5ODA0OTYxMDY2MDUwX0ZyZWUxMjQ5NDY4MTk5MjM3Nw==

اكتشاف اليوجا: تعرف على أول من اكتشفها

 

اكتشاف اليوجا: تعرف على أول من اكتشفها


هل تساءلت يوماً عن السر الكامن وراء تلك الممارسة التي تجمع بين مرونة الجسد وصفاء الذهن؟ ومن هو الشخص الأول الذي وضع حجر الأساس لهذا العلم الروحي القديم؟ انضم إلينا في رحلة عبر الزمن لنكتشف جذور اليوجا، ومن هم المكتشفون الحقيقيون لها.

اكتشاف اليوجا: تعرف على أول من اكتشفها


الحضارة الهندية القديمة وظهور اليوجا 

تضرب اليوجا بجذورها في أعماق التاريخ الهندي القديم، حيث نشأت منذ أكثر من 5000 عام في وادي السند. لم تكن اليوجا في بدايتها مجرد تمارين جسدية، بل كانت نظاماً فلسفياً وروحياً يهدف إلى تحقيق الوحدة بين الفرد والكون. في تلك العصور السحيقة، كان الحكماء (الريشيز) يراقبون الطبيعة والحيوانات ويتأملون في تدفق الطاقة الحيوية، مما أدى إلى استنباط وضعيات تحاكي الطبيعة لتعزيز الوعي.

  •  تطورت هذه الممارسات داخل المجتمعات الرهبانية والقبلية، حيث انتقلت المعرفة شفهياً من المعلم إلى التلميذ. كانت الحضارة الفيدية هي الحاضنة الأولى، حيث وُضعت الأسس الفكرية لما يعرف اليوم بالانضباط الذاتي والتأمل، مما جعل الهند المهد الحقيقي لهذا العلم الذي لم يكن يهدف فقط لصحة الجسد، بل للوصول إلى حالة من التنوير الروحي العميق.
اكتشاف اليوجا: تعرف على أول من اكتشفها


الأدلة الأثرية الأولى على ممارسة اليوجا 

تتجلى أقدم الأدلة المادية على اليوجا في الاكتشافات الأثرية بموقعي موهينجو دارو وهارابا في باكستان والهند الحالية. عثر المنقبون على أختام حجرية تعود إلى حوالي 2700 قبل الميلاد، يظهر عليها شخصيات تجلس في وضعيات تشبه إلى حد كبير وضعية "اللوتس" الشهيرة في اليوجا.

  •  أشهر هذه الأختام هو "ختم باشوباتي"، الذي يصور شخصاً محاطاً بالحيوانات وجالساً في وضع تأملي عميق، وهو ما يربطه المؤرخون بالنموذج الأولي للإله شيفا (سيد اليوجا). هذه اللقى الأثرية تؤكد أن اليوجا سبقت النصوص المكتوبة بآلاف السنين، وكانت جزءاً لا يتجزأ من النسيج الثقافي والديني لشعوب وادي السند. بالإضافة إلى ذلك، وُجدت تماثيل طينية صغيرة توضح حركات تمدد وانحناء، مما يشير إلى أن الجانب الجسدي لليوجا كان ممارساً ومعترفاً به كأداة لتطوير الذات منذ فجر التاريخ البشري.

شيفا: الإله المعروف كأول معلم لليوجا 

في الميثولوجيا الهندية، يُعتبر "شيفا" هو "أدي يوجي" (Adiyogi) أو اليوجي الأول، و"أدي جورو" أي المعلم الأول. تقول الأسطورة إن شيفا بلغ حالة التنوير الكامل في جبال الهيمالايا، وبدأ ببث علمه لسبعة حكماء يُعرفون بـ "السابتاريشي". هؤلاء الحكماء نقلوا هذه التعاليم إلى أجزاء مختلفة من العالم، بما في ذلك آسيا والأمريكتين وشمال أفريقيا. يُنظر إلى شيفا ليس فقط كإله، بل كرمز للوعي الخالص الذي أدرك أن الجسد البشري يمكن تحويله إلى أداة للارتقاء الروحي. من خلال رقصة "التانداف" ووضعيات التأمل الساكنة، وضع شيفا الأسس لـ 84 وضعية أساسية (آسانا)، تهدف جميعها إلى موازنة الطاقات الداخلية للإنسان، مما جعله المكتشف الأسطوري والروحي الأول لهذا الفن.

باتانجالي ودوره في تنظيم علم اليوجا 

بينما يُعتبر شيفا المصدر الروحي، يُعد الحكيم باتانجالي هو المؤسس الفعلي لليوجا كنظام علمي منظم. عاش باتانجالي تقريباً في القرن الثاني قبل الميلاد، وقام بجمع وتدوين ممارسات اليوجا المتناثرة في كتابه الشهير "يوجا سوترا". يتألف هذا النص من 196 حكمة موجزة تشرح "الأطراف الثمانية لليوجا" (Ashtanga Yoga)، والتي تشمل

  •  الأخلاقيات
  •  السلوك
  •  الوضعيات الجسدية
  •  التحكم في التنفس
  •  سحب الحواس
  •  التركيز
  • التأمل
  •  وصولاً إلى الاستنارة.

 بفضل باتانجالي، تحولت اليوجا من ممارسات غامضة وشفهية إلى منهج تعليمي واضح ومحدد يمكن لأي شخص اتباعه. لذلك، يُلقب باتانجالي بـ "أبو اليوجا الحديثة" لدوره المحوري في وضع القواعد الفلسفية والتطبيقية التي لا تزال تُدرس حتى يومنا هذا.

النصوص القديمة التي وثقت أصول اليوجا

تُعد نصوص "الفيداس" (Vedas) أقدم الوثائق التي ذكرت كلمة يوجا، وخاصة "الريجفيدا". تلتها نصوص "الأوبانيشاد" التي عمقت المفهوم الروحي وربطت اليوجا بالمعرفة الباطنية. كما لا يمكن إغفال "البهاغافاد غيتا"، وهي ملحمة شعرية فلسفية تشرح أنواعاً مختلفة من اليوجا مثل "كارما يوجا" (يوجا العمل) و"بهاكتي يوجا" (يوجا التفاني). هذه النصوص كانت بمثابة السجل التاريخي الذي حفظ تقنيات التنفس والتأمل من الضياع، ووفرت الإطار النظري الذي يفسر العلاقة بين الروح الفردية والروح الكونية، مما جعلها المرجع الأول لكل ممارس وباحث.

 

من هو جيو فراج تيورا؟ 

يُعد جيو فراج تيورا أو كما يُعرف في بعض المراجع بأسماء مشابهة ضمن السلالات اليوجية الحديثة شخصية محورية في نقل اليوجا من إطارها التقليدي الضيق إلى ممارسة تناسب العصر الحديث. يُعرف بكونه مصلحاً ومطوراً سعى إلى تبسيط المفاهيم المعقدة لليوجا لتصل إلى عامة الناس.

  1.  تميز تيورا بقدرته على الجمع بين الحكمة القديمة والاحتياجات المعاصرة، حيث ركز على الجوانب العلاجية لليوجا. يُعتقد أنه ساهم في تأسيس مدارس أو توجهات ركزت على دمج اليوجا في الحياة اليومية للأفراد، بعيداً عن الانعزال في الكهوف أو الجبال. كان هدفه الأساسي هو جعل اليوجا أداة للتحرر من الضغوط الحياتية وتحسين الصحة العامة، مما جعله جسراً مهماً بين التراث القديم والجيل الجديد من الممارسين.
اكتشاف اليوجا: تعرف على أول من اكتشفها


إسهاماته في تطوير ممارسات اليوجا

تمثلت إسهامات تيورا في تطوير "تسلسلات" حركية تركز على التوازن الهيكلي للجسم. أدخل تعديلات على بعض الوضعيات الكلاسيكية لتكون أكثر أماناً وفعالية للأشخاص الذين يعانون من مشاكل جسدية. كما شدد على أهمية "البراناياما" (علوم التنفس) كعامل أساسي للتحكم في الجهاز العصبي. ساعدت جهوده في نشر الوعي بأن اليوجا ليست ديناً، بل هي علم شامل للصحة النفسية والجسدية، مما سهل قبولها في المجتمعات الغربية والمدنية الحديثة.

تحليل الروايات المختلفة حول مكتشف اليوجا 

تتنوع الروايات حول مكتشف اليوجا بين الأسطورة والتاريخ. فبينما يقدس التقليد الهندي "شيفا" كمنبع إلهي، يرى المؤرخون أن اليوجا نتاج تطور جماعي لآلاف السنين شارك فيه مئات الحكماء. أما الشخصيات مثل باتانجالي أو المحدثين مثل تيورا، فهم "مكتشفون" بمعنى أنهم أعادوا اكتشاف العلم وصياغته وتطويره. هذا التعدد في الروايات يعكس ثراء اليوجا؛ فهي ليست ملكاً لفرد واحد، بل هي إرث إنساني تراكمت فيه الخبرات لتشكل هذا النظام المتكامل الذي نراه اليوم.

 

اليوجا في العصور الوسطى 

شهدت العصور الوسطى ولادة "هاثا يوجا"، وهي المرحلة التي بدأ فيها التركيز ينتقل من التأمل الفلسفي الصرف إلى تقوية الجسد المادي كوسيلة للوصول إلى الروح. ظهرت نصوص هامة مثل "هاثا يوجا براديبكا"، التي ركزت على "الشاتكارما" (التطهير) والوضعيات الصعبة. في هذه الفترة، أصبحت اليوجا أكثر حركية، وتم تطوير تقنيات متقدمة للتحكم في الطاقة الداخلية (الكوندليني)، مما مهد الطريق لظهور الممارسات الجسدية التي نعرفها اليوم في معظم الاستوديوهات العالمية.

انتشار اليوجا عالمياً في العصر الحديث 

بدأ الانتشار العالمي الفعلي في أواخر القرن التاسع عشر وبداية العشرين، خاصة بعد زيارة "سوامي فيفيكاناندا" لشيكاغو عام 1893، حيث أبهر الغرب بفلسفة اليوجا. تبع ذلك ظهور معلمين كبار مثل "كريشناماشاريا" وتلاميذه "بي كيه إس إيينغار" و"باتابي جويس"، الذين سافروا حول العالم ونشروا مدارس اليوجا المختلفة. تحولت اليوجا من طقس شرقي غامض إلى ظاهرة صحية عالمية، تُمارس في الصالات الرياضية والمنتجعات الصحية من نيويورك إلى طوكيو.

تأثير الثقافات المختلفة على ممارسات اليوجا 

عندما انتقلت اليوجا إلى الغرب، تأثرت بالعلوم الطبية والرياضية الحديثة. أضيفت إليها عناصر من الجمباز وعلوم التشريح لتعزيز الأمان. وفي المقابل، أثرت اليوجا في الثقافات الغربية من خلال إدخال مفهوم "اليقظة الذهنية" في الطب النفسي. هذا التبادل الثقافي جعل اليوجا مرنة للغاية، فظهرت أنواع هجينة مثل "يوجا الأيريال" و"يوجا القوة"، مما يثبت قدرة هذا العلم على التكيف مع متطلبات كل عصر وثقافة دون فقدان جوهره الروحي.

 

هاثا يوجا الأساس الشائع 

تُعتبر الهاثا يوجا هي النوع الأم والأكثر انتشاراً في العالم المعاصر. تركز بشكل أساسي على خلق توازن بين القوى المتضادة في الجسم (الشمس والقمر). تتألف الجلسة عادة من وضعيات جسدية (آسانا) تُنفذ ببطء وهدوء، مع التركيز العميق على التنفس. هي الخيار المثالي للمبتدئين لأنها تسمح للممارس بفهم أساسيات كل وضعية وبناء القوة والمرونة تدريجياً. تهدف الهاثا إلى تطهير القنوات الطاقية في الجسم وتهيئة العقل لعملية التأمل، مما يمنح الممارس شعوراً فورياً بالاسترخاء والتوازن الجسدي.

كوندليني يوجا: يوجا الطاقة 

يُطلق عليها "يوجا الوعي"، وهي نظام يهدف إلى إيقاظ الطاقة الكامنة في قاعدة العمود الفقري (طاقة الكوندليني). تختلف عن الأنواع الأخرى بتركيزها الشديد على "الكريا" (مجموعة من الحركات المتكررة)، والتنفس السريع والقوي، وترديد الأناشيد (المانترا). تهدف هذه الممارسة إلى تحفيز الجهاز العصبي والغدد الصماء وتطهير مراكز الطاقة (الشاكرات). يشعر ممارسو الكوندليني غالباً بارتفاع مفاجئ في الوعي والطاقة الحيوية، وهي تتطلب توجيهاً دقيقاً نظراً لقوة تأثيرها النفسي والروحي.

أشتانجا وفينياسا: اليوجا الديناميكية 

للراغبين في تمرين بدني مكثف، تأتي الأشتانجا والفينياسا كخيارين مثاليين. الأشتانجا تتبع سلسلة محددة وصارمة من الوضعيات التي تزداد صعوبة، وتتطلب انضباطاً عالياً. أما الفينياسا، فهي "يوجا التدفق"، حيث تنساب الحركات مع التنفس بشكل متواصل وكأنها رقصة متناغمة. يتميز هذان النوعان برفع معدل ضربات القلب وتوليد حرارة داخلية تساعد على تطهير الجسم من السموم عبر العرق. هما الأنسب لمن يبحثون عن بناء العضلات، حرق السعرات الحرارية، وتحسين اللياقة البدنية العامة بأسلوب يوجي.

يوجا النيدرا وأنواع أخرى معاصرة 

يوجا النيدرا، أو "النوم اليوجي"، هي ممارسة للتأمل الموجه تهدف إلى الوصول بحالة الوعي إلى نقطة بين النوم واليقظة. هي تقنية قوية جداً للاسترخاء العميق وإعادة برمجة العقل الباطن. إلى جانبها، ظهرت أنواع حديثة مثل "يين يوجا" التي تركز على الأنسجة الضامة والبقاء في الوضعيات لفترات طويلة، و"اليوجا العلاجية" المخصصة للإصابات. هذه التنوعات تضمن وجود نوع مناسب لكل شخص، سواء كان يبحث عن تحدٍ رياضي أو سكون عقلي تام.

 

الفوائد الجسدية لممارسة اليوجا 

تعد الفوائد الجسدية لليوجا مذهلة وشاملة؛ فهي لا تعمل فقط على العضلات السطحية، بل تصل إلى الأعضاء الداخلية. ممارسة اليوجا بانتظام تزيد من مرونة المفاصل وتطيل العضلات، مما يقلل من آلام الظهر والرقبة المزمنة. كما تلعب دوراً حيوياً في تحسين كفاءة الجهاز التنفسي من خلال تمارين "البراناياما" التي تزيد من سعة الرئتين.

  •  بالإضافة إلى ذلك، تساعد الوضعيات الالتوائية على تدليك الأعضاء الداخلية مثل الكبد والأمعاء، مما يعزز عملية الهضم وطرد السموم. كما أثبتت الدراسات أن اليوجا تساعد في تنظيم ضغط الدم وتقوية جهاز المناعة عبر تحفيز الجهاز الليمفاوي. إنها تمنح الجسم توازناً هيكلياً يقلل من مخاطر الإصابات ويؤخر علامات الشيخوخة الجسدية، مما يجعل الجسد أكثر حيوية وقدرة على التحمل.

تأثير اليوجا على الصحة النفسية 

على الصعيد النفسي، تُعد اليوجا ترياقاً قوياً لضغوط الحياة الحديثة. تعمل الحركات المتناغمة مع التنفس على تهدئة الجهاز العصبي الودي (المسؤول عن استجابة الكر والفر) وتنشيط الجهاز العصبي اللاودي، مما يؤدي إلى انخفاض فوري في مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر).

 تساعد اليوجا في تحسين جودة النوم وعلاج الأرق، وتساهم بشكل فعال في تقليل أعراض الاكتئاب والقلق من خلال زيادة إفراز هرمونات السعادة مثل السيروتونين والدوبامين. تمنح اليوجا الممارس قدرة أكبر على التركيز والوضوح الذهني، حيث تعلمه كيف يعيش في "اللحظة الحالية" بعيداً عن اجترار الماضي أو القلق من المستقبل. هذا "الصفاء الذهني" يبني مرونة نفسية تجعل الفرد أكثر قدرة على مواجهة التحديات اليومية بهدوء واتزان.

تأثير اليوجا على تسهيل اللعب والأداء الرياضي 

أصبحت اليوجا جزءاً أساسياً من تدريبات الرياضيين المحترفين في مختلف الرياضات. فهي تساعد في "تسهيل اللعب" من خلال تحسين التوازن الحركي والوعي بالجسم (Proprioception). بالنسبة للاعبي كرة القدم أو العدائين، توفر اليوجا الوقاية من الإصابات عبر تقوية الأربطة وزيادة مدى الحركة. كما أن تقنيات التنفس اليوجي تساعد الرياضيين على الحفاظ على هدوئهم تحت ضغط المنافسات الكبرى وتوفير الأكسجين للعضلات بكفاءة أعلى. إنها تمنح "العقل الرياضي" القدرة على التصور الذهني والتركيز الفائق، مما ينعكس مباشرة على النتائج والأداء البدني المتميز.

 

اليوجا كعلاج للتوتر والقلق 

في عصر السرعة والديجيتال، أصبح التوتر والقلق مرض العصر. تبرز اليوجا هنا كأداة علاجية غير دوائية فعالة للغاية. من خلال دمج تقنيات الاسترخاء والتأمل، توفر اليوجا "مساحة آمنة" للعقل ليتوقف عن الضجيج المستمر. الجلسة الواحدة يمكن أن تخفض مستويات القلق بشكل ملحوظ عبر تنظيم ضربات القلب وتهدئة العقل المشتت. إن ممارسة اليوجا تعلم الفرد كيفية الاستجابة للمواقف الضاغطة بدلاً من مجرد التفاعل العشوائي معها. هي ليست مجرد رياضة، بل هي نظام "إدارة ذاتية" يساعد في الحفاظ على التوازن النفسي وسط عالم مليء بالمتغيرات والمشتتات، مما يجعلها ضرورة قصوى للصحة العامة في مجتمعاتنا المعاصرة.

دمج اليوجا في نمط الحياة اليومي 

لا تتطلب اليوجا دائماً ساعة كاملة على البساط؛ بل يمكن دمج فلسفتها في تفاصيل اليوم. التنفس الواعي أثناء قيادة السيارة، أو ممارسة وضعية "الجبل" أثناء الانتظار، أو حتى تخصيص 10 دقائق للتمدد الصباحي، كلها ممارسات تغير نمط الحياة. اليوجا تعلم "اليقظة" في الأكل، والتحدث، والعمل. هذا الاندماج يحول اليوجا من مجرد تمرين رياضي إلى أسلوب حياة شامل يهدف إلى تحسين جودة العيش وزيادة الوعي بكل فعل نقوم به، مما يؤدي إلى حياة أكثر تناغماً وإنتاجية.

اليوجا في مكان العمل والمدارس 

بدأت الشركات الكبرى والمدارس في إدراك قيمة اليوجا؛ ففي العمل، تساعد "يوجا الكرسي" وتمارين التنفس في تقليل الإجهاد المهني وزيادة الإبداع والتركيز بين الموظفين. وفي المدارس، تساهم اليوجا في تحسين سلوك الطلاب، وتقليل حالات التنمر، وزيادة قدرتهم على التحصيل الدراسي من خلال تعليمهم كيفية التحكم في انفعالاتهم وتفريغ طاقاتهم بشكل إيجابي. إن إدخال اليوجا في هذه المؤسسات يعد استثماراً في رأس المال البشري، حيث تخلق بيئات عمل وتعليم أكثر صحة وسعادة.

 

أبحاث حديثة تؤكد فعالية اليوجا 

خلال العقدين الأخيرين، زاد الاهتمام العلمي باليوجا بشكل كبير. أجرت جامعات مرموقة مثل "هارفارد" و"جونز هوبكنز" مئات الدراسات التي أكدت أن اليوجا تؤثر إيجابياً على "اللدونة العصبية" للدماغ، أي قدرة الدماغ على إعادة تشكيل نفسه. أظهرت صور الرنين المغناطيسي أن ممارسي اليوجا بانتظام لديهم قشرة دماغية أكثر سمكاً في المناطق المرتبطة بالذاكرة وتنظيم العواطف. كما أكدت أبحاث أخرى أن اليوجا تقلل من الالتهابات في الجسم على المستوى الخلوي، مما يقي من الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب. هذه النتائج لم تعد مجرد ادعاءات روحية، بل أصبحت حقائق طبية تدعم استخدام اليوجا كعلاج مكمل في المشافي والمراكز الطبية حول العالم.

كيف تدعم العلوم الحديثة ممارسات اليوجا القديمة 

ما اكتشفه الحكماء القدماء بالبصيرة، تؤكده العلوم الحديثة اليوم بالمختبرات. على سبيل المثال، ممارسة "براناياما" (التنفس) التي كانت توصف قديماً لتنقية الروح، يفسرها العلم الحديث اليوم بأنها تحفز "العصب الحائر" (Vagus Nerve)، المسؤول عن إرسال إشارات الاسترخاء للدماغ والقلب. الوضعيات المقلوبة التي قيل إنها تجدد الشباب، أثبت العلم أنها تحسن الدورة الدموية الليمفاوية وتساعد في تدفق الدم للأكسجين في المخ.

  •  هذا التناغم بين الحكمة الشرقية القديمة والبحث العلمي الغربي الحديث يعزز من مصداقية اليوجا ويجعلها علماً موثوقاً يعبر الفجوة بين الروح والمادة، مؤكداً أن الإنسان وحدة واحدة لا تتجزأ.

 

الخلاصة

في الختام، رحلة اكتشاف اليوجا هي رحلة عبر تاريخ البشرية وبحثها الدائم عن السلام الداخلي والصحة المتكاملة. من الحضارات الضاربة في القدم بوادي السند، إلى الأساطير التي جعلت من "شيفا" المعلم الأول، وصولاً إلى التنظيم العلمي الذي وضعه "باتانجالي"، بقيت اليوجا شعلة لا تنطفئ. لقد أثبتت هذه الممارسة عبر العصور أنها أكثر من مجرد حركات جسدية؛ فهي فلسفة حياة وعلم شامل يربط بين العقل والجسد والروح.

في عالمنا الحديث المليء بالضجيج والتوتر، تبرز اليوجا كحل مثالي لاستعادة التوازن المفقود. سواء كنت تمارسها لزيادة مرونتك، أو لتقليل قلقك، أو حتى للارتقاء بروحك، فإن اليوجا تفتح لك أبواباً من الوعي الذاتي لم تكن تتخيلها. إنها دعوة للعودة إلى الذات، والإنصات لصوت الجسد، وتحقيق التناغم مع الكون. اكتشاف اليوجا ليس مجرد معرفة من اكتشفها، بل هو أن تكتشف "أنت" نفسك من خلالها، لتبدأ رحلتك الخاصة نحو حياة أكثر صحة وسعادة واستنارة.

 

الأسئلة الشائعة

  1. هل اليوجا ديانة؟ لا، اليوجا فلسفة وعلم ممارسة لتحسين الصحة والوعي، ويمكن لممارسي جميع الأديان ممارستها.
  2. من هو الأب الحقيقي لليوجا؟ يُعتبر الحكيم "باتانجالي" هو المنظم الأول لعلومها، بينما يُعتبر "شيفا" مصدرها الأسطوري.
  3. هل يجب أن أكون مرناً لممارسة اليوجا؟ لا، المرونة هي نتيجة للممارسة وليست شرطاً للبدء.
  4. ما هو أفضل وقت لممارسة اليوجا؟ الصباح الباكر (عند الفجر) يُعتبر الأفضل، لكن يمكن ممارستها في أي وقت بشرط خلو المعدة.
  5. كم مرة يجب ممارسة اليوجا أسبوعياً؟ مرتان إلى ثلاث مرات أسبوعياً كافية لرؤية نتائج جيدة، والممارسة اليومية هي الأفضل.
  6. ما الفرق بين اليوجا والجمباز؟ اليوجا تركز على التنفس والوعي الداخلي والتأمل، بينما الجمباز يركز على الأداء البدني الخارجي.
  7. هل تساعد اليوجا في إنقاص الوزن؟ نعم، خاصة الأنواع الديناميكية مثل الفينياسا، كما أنها تنظم الهرمونات المرتبطة بالجوع والتوتر.
  8. هل يمكن للحوامل ممارسة اليوجا؟ نعم، هناك "يوجا ما قبل الولادة" وهي مفيدة جداً، لكن يجب استشارة الطبيب والممارسة مع مدرب متخصص.
  9. ما هي "المانترا"؟ هي كلمات أو أصوات تُردد أثناء اليوجا أو التأمل لتركيز العقل ورفع الذبذبات الطاقية.
  10. هل يمكن تعلم اليوجا ذاتياً من الإنترنت؟ يمكن تعلم الأساسيات، ولكن يُفضل البدء مع معلم لتصحيح الوضعيات وتجنب الإصابات.




تعديل المشاركة
author-img

Tamer Nabil Moussa

الزمان والمكان يتبدلان والفكر والدين يختلفان والحب واحد فى كل مكان /بقلمى انسان بسيط عايش فى هذا الزمان
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة